كنت اقرأ قصة أول جريمة قتل، قصة قابيل و هابيل ٠ و على خلاف كل المرات لم يجذب انتباهي سلوك قابيل و هابيل ولا أثار فضولي معرفة المزيد من الأسباب ٠
بل توقفت أمام الشخصية الثالثة في القصة٠شخصية خفية مهمة تستحق وقفة بل وقفات من التفكير و الإمعان: الغراب
بدأت أتأمل في هذا المخلوق الذي طالما رمز لي إلى البؤس و الشؤم و قبح الخليقة
ففكرت كيف يكون هذا المظلوم هو أول الأساتذة على وجه البسيطة ٠
هو أول من اخذ عنه أبونا قابيل العبرة و القدوة حين رآه يحفر بمنقاره قبرا لغراب ميت فيضعه برفق فيه و يهيل عليه التراب ثم يطير بعد ذلك صارخا حزينا ٠
دفعتني وقفتي الأولى هذه إلى البحث عن معلومات عن هذا المخلوق الذي بدا ذكره يرسم ابتسامة صغيرة على وجهي
فعرفت أن الغراب كالإنسان يهيم في الأضواء فهو يحب كل ما هو لامع براق لذلك فعشه يحوي الأشياء الثمينة
للغراب (أنثاه بالأخص) أيضا قدرة نادرة على فهم العلاقة بين الغاية والوسيلة واستنباط أداة من مادة غير طبيعية. فهنيئا لهذا الكائن الذكي٠
أصبح الغراب بذلك محور العديد من الأمثال و القصص ، حيث هو قرين الذكاء و الدهاء ، المشية و الزهو ، الصفاء و السواد
ليس من الغريب إذا أن يكون أول معلم و ممكن أول الكائنات (الطيور) التي لفتت انتباه الإنسان إليها منذ هبوطه إلى هذه الأرض
فلنفتح إذا عيوننا، و لننظر بإمعان إلى محتويات هذا الكون لعلنا نأخذ الحكمة في زمن قل حكماؤه